سبت همى ورحت اتفسح ..لقيتة سبقنى وقالي هو انا مكسح!! ولكن..لا تقل يارب لى هم كبير ولكن قل ياهم لى رب كبير

السبت، ٥ ذو الحجة ١٤٢٨ هـ

في ذكرى اعتقالات الازهر..ذكريات كثيرة

أثناء ترتيبي لأوراقي وقعت بين يدى ورقة فنظرت بها سريعاً لأرى هل انا بحاجة اليها لأحتفظ بها أم سوف تلحق بأخواتها بسلة المهملات ، فإذا بها ورقة تعيد عليّ ذكريات مفترض أنها مؤلمة لكن كان بها مفارقات مضحكة او ملفته ، فالورقة كانت تحتوى على بيان طلاب الأزهر حول أعتقال 120 طالباً .

ذا البيان الذي دفعنى لأستعادة ذكرياتى في هذا اليوم ، ومر الشريط امام عيناي سريعاً ، موبيلي يرن في التاسعة صباحاً ، مديري يستعجلنى ويطلب منى أن أتوجه إلى جامعة الأزهر حيث تقام مسيرة حاشدة نتيجة أعتقال طلاب الأزهر بفجر اليوم ، وبحماسة الصحفي ، وحمية الأخوان ، والغيرة على الحق والظلم ، والإشفاق على الطلاب توجهت مباشرةً إلى الجامعة، وأتصلت قبلها بأحد الطلاب هناك الذي وصف لى أقصر طريق للذهاب وأستعد لأستقبالي ومساعدتي.

وهناك قبل دخولي أتصلت به كما كنا متفقين ، فقال لي مستحيل تدخلي الآن ، الدنيا مقفلة ، فطلبت منه أن يصف لى من اى باب أدخل ويتركنى أحاول ، فليس بعد أن أتيت أعود بخفي حنين ، وسألته عن أساتذة في التخصص الذي درسته حتى لو "زنقت" أقول إنى دخله إليهم ، ثم أمسكت هاتفي وتظاهرت بالأنشغال بالحديث فيه وأخذت أردد "اللهمّ أكفينيهم بما شئت وكيف شئت ، اللهم إن نجعلك في نحورهم ونعوذ بك من شرورهم" ،فإذا بي أمر من الباب دون أي سؤال ، فحمدت الله وأتصلت بالأخ الذي أتفق معى أن يأتينى عند المبنى الذي كنت أقف عنده ووعد بالحضور لأخذي.


ثم سألت نفسي أثناء أنتظاري له كيف سيعرفنى؟ ، هو لم يسألنى عن لون حجابي مثلاً ، وبالطبع لم أعرض عليه أنا ، لاحظت نظرات من حولي من "الطلاب" المستغربة ، فلم أعبأ ، حتى جاء الأخ وأخدنى إلى مبنى رئاسة الجامعة حيث كانت يعقد الأعتصام.

ذهبت هناك وكان من أولى المرات التى أنزل فيها مظاهرات وأعتصامات بالجامعات ، قبل أن يصبح شغفي بعد ذلك ،المهم وقفت على "زرعة " عالية امام الاعتصام ، التقطت بعض الصور بواسطة موبيلي ، إلا أني لاحظت الدهشة "الفـظيعة " التى كانت تملء عيون من حولي من الطلاب وتعجبت منها قليلاً ، لكنى انشغلت بمهمتى ، وأنهمكت في الكتابة التى كانوا ينظر الطلاب إلى ما أكتبه بكل ما أوتوا من قوة ، فإذا بطالب يحدث آخر عنى قائلاً "صحفية يا أبني.. صحفية" ، فتجاهلتهم ، وأنهمكت بالتصوير.

ثم وجدت أخ ملتحي بشوش يقترب قليلاً ولا ادري أيحدثنى أم يحدث نفسه ثم سألني بلهجة أظهرت أنه من الأقاليم و بأبتسامة واسعة " هل أنتي إخوانية ؟ " ، حتى الآن لا أعرف كيف تمالكت نفسي من الضحك ، الا أننى كل ما أذكرة أننى أقتربت من الأخ الذي كان يشبة مرشدى بالجامعة ، خصوصاً أن وقتها كان بعد صور المصري اليوم والتى أستثمرها الأمن بالأتفاق مع المصري اليوم ، وبالتالي كان هناك حذر من أي من يصور ، فكان كثيرون من الأخوة يقتربون ويسألونى لأي مؤسسة أعلامية أتبع ، فكان الأخ يرد عليهم سريعاً "معايا" يعنى لا تقلقوا ، المهم اننى أسررت إلى الأخ بقلقي من ضبط الموبيل بمحتوياته ، فقال لي "هنخرجك من باب غير اللي دخلتى منه بسيطة متقلقيش" ، ثم نظرت حولي فإذا بي أجد صحفية وأرى أمرأة أو أتنين يسيرون بالجامعة ربما هما موظفات.

وأنهمكت في عملي في ظل الآف العيون التى كانت تنظر بأوراقي وتسترق السمع لما أسجله بل حتى تنظر بعدسة موبيلي أو تركز معي إن تحدثت بهاتفي!! وكنت الأخ المرشد يأخذ هاتفي ويصور لى به ، لانه كان صعباً أن أخترق الأعتصام ، إلا أنى كنت أتمنى لو صورت بنفسي ، وبعد وقت قليل كنت اتصل بالأخ المرافق الذي أختفي فأكتشفت أنه خارج الجامعة وراح الدرس دون أن يسلمنى لأحد ، فأعطانى رقم أخ ، وسهل لى الأخ أن أصعد إلى مقدمة الأعتصام و أعلى السلم ، وقد صورت أحلى لقطات،واثناء وقوفي بالأعلى لاحظت أن أخ يقول للأخ الذي ساعدنى على أختراق الصفوف ، ومفترض أنه كان يهمس في أذنه " خد منها الموبيل وصور أنت "، فرد عليه الاخ ربما بأنى أرغب ذلك أو غير ذلك ... المهم اننى سمعت وتمالكت نفسي من الضحك.

حاولت تصوير الضباط من الجنب فلاحظنى أحدهم فأبتسم مشيرا بوجه "يعنى اعمل ايه فيكى " ففهمت الرسالة وضحكت ، ولاحظ ضابط آخر رسالة زميله إلي فسأله فقال له وضحكا وتبادلا التعليقات علىّ وأنا اقول "كده مش هبات في بيتنا النهاردة ".

ثم أثناء جلوسي بجوار الأعتصام جاء شابان يدخنان وقالَ لي صورينا وخدى رأينا ، الا أن بعض الأخوة "هشوهم عني بعيداً " ، فلاحظت اختراقهم للصفوف فأخبرت الأخ أنى أشك أنهم من الطلاب المخبرين فضحك وقال ناخدهم رهينه لغاية ميطلعوا الأخوة ، المهم قال لي سيبك منهم و هما راحوا قعدوا جوار المسيرة "يدخنون" وانا أتعجب لما بهم من برود .

صعد وفد الي رئيس الجامعة وتأخر ، فقررت أن أذهب إلى الصلاة. فهناك سألت عن مسجد أصلي فيه فذهبت إلى كلية الدعوة وحاول ضابط إيقافي أثناء سؤالي عن المصلي فذهبت في الاتجاه الذي اخبرت به سريعاً متوقعة ان الضابط "هيقفشني" فتجاهلت ندائه لولا أن لحق بي عسكري وقال لي الكلية كلها بنين فلازم اوصلك ، فأدخلنى إلى مكان يشبة قاعات الدراسة وقال لي صلي هنا ، وأخرج طالب كان جالس ، فتعجبت أنه لا توجد مصلي للسيدات بجامعة الأزهر!!.

بعد خروجى من الصلاة أستوقنى ضابط ملحقياً السلام سألنى أين كنتى فأجبته ببرأة شديدة "بصلي" ، ثم أكمبت طريقي ووجدت ان الوفد كان خرج ، ولملمت أوراقي لأرحل وأتجهت ناحية الباب الذي دخلت منه ، وقربه وقفت وسألت على باب آخر وأتجهت إليه وخرجت منه وانا بقول إليه الغباء اللي أنا فيه ، مسهل الضباط يحددوا شكلى بالاسلكى لو عاوزنى .

كل ذلك وانا أشعر أن هناك شىءً ما غريباً وغامضاً ، لا أفهمه وذلك عملاً بمبدأ دخول الdata في هيئة input وتحولها إلى out put . الا اننى لم أدرك أن الشىء الغامض هو أنني كنت بجامعة بنين فقط إلا عند عودتى الي مقر عملي حيث نبهتنى زميلتى وهنا تذكرت ان الجامعة بنين فقط أي أننى كنت أحتفظ بالمعلومة كinput.


وهو ما فسر لي تهامس الطلبة عنى ، وفسر لي عدم وجود مسجد للسيدات ، وفسر لس سبب مرافقة عسكري لي غلي المسجد ، وفسر لي سبب ان الضابط كنتى فين ؟ وفسر لي ليه الضباط كبروا مخهم ، بل وفسر لي لماذا اتصل علي مديري ليطمئن انى ماولت حره خالية القيود وخارج الحجز!! .



انتهى اليوم وكلفت بعمل تحقيق مع أهالى الطلاب ، وحصلت على قائمة باسماء الطلاب من زملائهم ، حيث أخرج لى أحدهم بضع أرقام من موبيله ، وقررت أن أختار بشكل عشوائي رقم أحدهم دون ترتيب ، وكان حظي ان أول رقم أخترته اهله لم يكونوا يعرفون باعتقاله بعد ، وكنت انا بذلك اول من تزف اليهم البشري!!
، و لم يتحمل الاب الخبر ، ولم تصبر الأم واختطفت السماعة ...

لأجلس بعدها وأشتعر بأختناق ثم اتصل بباقي الأهالى الذين مازال بكائهم يرن بأذني
، مازالت لهجتهم البسيطة وهم يرجونى أن افرج عن ابنهم تتردد!! .

كان أمراً شاق لي نفسياً ، فقد كنت أشعر بأن مستقبل هؤلاء الطلاب على حافة الضياع والأنهيار ، فأي أخ يعتقل يكون عادةً مستقبلة أتضح ، وله أسرة وعمل وتخرج من الجامعة ، لدرجة أن زميله قالت لي عرفت الآن لماذا دائما يقول الأهالي لأبنائهم "خدوا شهادتكم وأعملوا اللي أنتم عايزينه بعد كده".
في كافة الأحوال لم أنسي ذلك اليوم وتلك المغامرة ، وتلك الوجه التى وقفت تدافع عن حق أخوانهم المأسورين ، بإلحاح وأصرار وبسرعة البرق أجتمعوا وتراصوا، ودافعوا ، وناشدوا ، وأبلغوا وطالبوا الجميع بالتدخل والأفراج عن زملائهم دون خوف أن "يحصلوهم " وعلى رأسهم الطالب الذي شهد الواقعة وكان شاهد عيان ، فرغم نجاته من الأعتقال "قدراً " الا انه شارك في كافة الفاعليات ولم يخشي شىءً .